الأحد، 24 فبراير 2008

يا فرحة ماتمت خدها التضخم وطار

النفط فوق المائة دولار للبرميل في الأسواق العالمية، خبر ظاهرة الرحمة وباطنه العذاب لأبناء المنطقة، هلل الكثيرون في دول الخليج لزيادة النفط؛ لأن هذه الزيادات ستعكس ارتفاعا في الفوائض المالية لحكوماتهم، وبالتالي سيجنون ثمرتها في شكل زيادات للرواتب ودعما وتحسينا وتوسيعا للسلع والخدمات، ولكن المفاجأة غير السارة أن مواطني البلدان الخليجية والمقيمين فيها سيدفعون ثمن هذه الزيادة أكثر مما يدفع نظراؤهم في الدول المستهلكة للنفط.وأكد خبراء اقتصاد وطاقة خليجيون أن الزيادة الأخيرة للنفط فوق 100 دولار -مثل الزيادات السابقة- رغم أنها تزيد الفوائض المالية للدول المنتجة والمصدرة للنفط، وتحقق فوائض في موازينها التجارية، إلا أنها تتسبب في زيادة معدلات التضخم عالميا، والذي يدخل إلى منطقتنا عبر ارتفاع فاتورة السلع والخدمات المستوردة، وكذلك عبر المشتقات النفطية ذاتها وأهمها البنزين والكيروسين والسولار، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن الشركات الكبرى هي المستفيد الأكبر من هذه القفزة النفطية.وكانت معظم الدول الخليجية قد أعدت موازناتها التقديرية خلال الأعوام الماضية وحتى العام الجاري 2008 على أسعار نفط متحفظة جدا تدور حول 40 دولار فقط للبرميل، مما يعني أن الفوائض المالية لهذه الدول المتحققة من بيع النفط الخام ستكون أكبر كثيرا من توقعاتها الأولية.


وقال الخبير الاقتصادي السعودي رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى د. إحسان بوحليقة "إن ارتفاع النفط سينعكس إيجابا على خزائن الدول المنتجة والمصدرة ولكن مع زيادة الإيرادات يصبح السؤال الأكثر إلحاحا ما مدى انعكاس هذه الفوائض على مستوى معيشة الأفراد وعلى البرامج التنموية في هذه البلدان؟".وأوضح بوحليقة لـ"الأسواق.نت" أن هناك خيارات متعددة للارتقاء بمستوى المعيشة، مشيرا أن عدم وضوح الرؤية دفع البعض للمطالبة بتوزيع هذه الفوائض في شكل زيادات في الرواتب، وليس وضعها في مشاريع بنية تحتية متقدمة، أو تبني أجندة اجتماعية متحفزة. وعبر بوحليقة عن خشيته من "أن نختنق بهذه الأموال"، موضحا أن من علامات هذا الاختناق هذا التضخم الكبير الذي نعانيه؛ حيث توجد "لدينا أموال تزيد الطلب، وليس لدينا آلة تزيد العرض".ودعا بوحليقة الحكومات الخليجية لتحديد والكشف عن خططها لتوظيف هذه الفوائض التي ستتحقق على مدى السنوات المقبلة.

تكيف مع التضخم
رئيس وحدة البحوث الاقتصادية في جامعة البحرين د. جاسم حسين يرى أن الزيادة الجديدة ستعزز الفوائض المالية للدول الخليجية، وستعزز موازينها التجارية وموازين المدفوعات، لكنها في الوقت نفسه ستعزز معدلات التضخم في المنطقة، فزيادة النفط سترفع تكلفة الإنتاج في البلدان المصدرة للسلع إلى الدول الخليجية مما يعني زيادة فاتورة الواردات التي سيدفعها المستهلكون الأفراد في النهاية.وقال د. جاسم حسن لـ"الأسواق.نت" "إن أحدا لم يستطع التكهن قبل 5 سنوات بأن ترتفع أسعار النفط إلى هذا الحد، وهذا ما دفع الحكومات الخليجية للتحفظ الشديد في اعتماد سعر للنفط في حدود 40 دولار للبرميل عند إعداد ميزانياتها، وبالتالي فإن ارتفاع النفط بمعدل يتجاوز الضعف سيزيد الفوائض المالية للدول المصدرة، ومن الممكن استخدام جزء من هذه الفوائض لمعالجة آثار التضخم عن طريق رفع الرواتب ودعم بعض السلع والخدمات، مؤكدا في الوقت نفسه أن الفوائض ستؤدي إلى التكيف مع التضخم فقط وليس القضاء عليه.

معاناة الخليجيين أكثر
أما الخبير النفطي والاقتصادي الكويتي د. حجاج بوخضور فقد أكد أن المواطن الخليجي سيعاني بنفس الدرجة التي يعانيها المواطن في الدول المستهلكة للنفط، بل ربما بشكل أكبر لأن ارتفاع النفط ينشر ثقافة استهلاكية واسعة تزيد الإنفاق الاستهلاكي ، الذي يحفز الطلب وبالتالي تزيد الأسعار الاستهلاكية وترتفع تكاليف المعيشة.وقال بوخضور لـ"الأسواق.نت" "إن دول الخليج لا تنتج السلع وكثيرا من الخدمات بل تستوردها، ومع ارتفاع تكلفة الإنتاج في الدول المنتجة نتيجة ارتفاع النفط فإن فاتورة الواردات الخليجية ستتضاعف، وسيدفع ثمنها المواطنون والمقيمون على السواء"، مشيرا إلى علاج هذه المشكلة لا يكون برفع الرواتب فحسب وإنما عبر حزمة من الإجراءات، منها الاستثمار في البنية التحتية وتوفير الخدمات، ونشر ثقافة ادخارية وليست استهلاكية، وتبني سياسات لدعم القيمة الشرائية للعملات الخليجية.ويرتبط ارتفاع النفط دوما بانخفاض الدولار (وبالتالي العملات الخليجية المرتبطة به)؛ حيث يؤدي عادة إلى التضخم الذي تواجهه الحكومات برفع سعر الفائدة، وهذا الرفع للفائدة يقود إلى خفض العملة، وبما أن النفط مقوم بالدولار فإن ذلك يعني أن قيمة الصادارات النفطية تخسر جزءا كبيرا من قيمتها مع تراجع الدولار، كما أن هذا التراجع في قيمة الدولار ينعكس سلبا على قيمة الاحتياطات والأصول الخليجية.وأشار بوخضور إلى أن غياب الخطط التنموية الشاملة لتوظيف الفوائض النفطية في مجالات مثل التعليم والصحة والبنى التحتية سيجعل الآثار السلبية لهذه الفوائض أكثر من الآثار الإيجابية، داعيا إلى الواقعية في تسعير النفط عند إعداد الميزانيات الخليجية حتى يمكن توظيف العوائد بطريقة مخططة أفضل.

ارتفاع السلع والخدمات
من ناحيته يرى الخبير الاقتصادي الإماراتي د. أحمد البنا أن الشركات النفطية الكبرى هي المستفيد الأكبر من ارتفاع أسعار النفط، كما أشار إلى أن هذه الارتفاعات رغم تأثيراتها الإيجابية على الدول المصدرة إلا أن هناك العديد من الآثار السلبية لها؛ حيث تؤثر على النمو الاقتصادي ومعدلات التضخم العالمية.وقال البنا لـ"الأسواق.نت" "إن الدول المصدرة للنفط الخام تستفيد من زيادة أسعار بيع الخام لكنها تدفع أكثر في الحصول على المشتقات النفطية مثل البنزين والكيروسين ووقود الطائرات"، إضافة إلى ارتفاع السلع والخدمات الاستهلاكية، وارتفاع تكاليف السفر والتنقل والمشروعات الجديدة
وقد ادى التضحم وغلاء المعيشه الى زياده دخول الموظفين الكويتيين والمغتربيين بما بقدر مابين 50 و120 دينار بامر من الحكومه

ليست هناك تعليقات: