الجمعة، 29 فبراير 2008

اميه شامله

من جانبه يري المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة أنه ليس هناك تلازم بين الأمية الأبجدية والأمية الفكرية‏..‏ فهناك من لايفكون الخط ومع ذلك نري فيهم ولديهم حكمة الحكماء‏,‏ والحكمة هي الصواب العقلي‏,‏ أي أعلي مستويات الإبداع الفكري‏.‏ويوضح أن الإنسان المتحضر هو الذي يمتلك وعيا بمكونات الحضارة‏,‏ أي بالعلوم والفنون والآداب التي تكون الثقافة التي هي عمران النفس الإنسانية واليات تهذيبها‏,‏ وبالعلوم والفنون التي تهذب الواقع المادي‏,‏ أي المدنية‏.‏ونظرا لتعدد ميادين الفكر تعددت ميادين الأمية الفكرية‏,‏ فهناك‏:‏ أمية في الفكر العلمي‏,‏ وأمية في العلوم العقلية‏,‏ وأمية الآداب والفنون‏,‏ وأمية في الفكر السياسي‏,‏ وفي الفكر الاقتصادي وأمية في العلوم الشرعية والدينية‏.‏ويشير د‏.‏ عمارة إلي أن أقل أنواع الأمية هي الأمية الدينية‏,‏ لأنه في المجتمعات المؤمنة دينيا لانجد إنسانا إلا ولديه قدر من الفكر والثقافة الدينية يؤدي بها الشعائر ويضبط بها الاعتقاد‏,‏ وينظم بها المعاملات والعلاقات مع المجتمع الذي يعيش فيه‏.‏والتفاوت بين الناس في هذا الميدان هو في كم الثقافة ونوعها فهناك من يرتفع بهم الفكر إلي مستوي العلماء والمفكرين والمبدعين وهناك من يقفون عند الحدود الدنيا والضرورية للثقافة الدينية‏,‏ وهناك من يقفون بين بين‏.‏كذلك نجد السيادة للفكر العقلاني والعلمي عند قطاع من طلاب الفكر الديني‏,‏ علي حين يسود الفكر الخرافي لدي آخرين‏..‏ وهناك لون من الأمية الدينية يشيع في المجتمعات العلمانية واللادينية التي بلغت شأوا بعيدا في العلوم المدنية ولكنها غفلت عن علوم الوحي والغيب والإيمان والقلوب‏,‏ وهذه المجتمعات هي التي وصفها القرآن الكريم بالدهرية‏,‏ وقال عن أهلها يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون‏.‏ويشير د‏.‏ عمارة إلي أن أسوأ أنواع الأمية الفكرية هي أمية التعصب لدي أشباه المتعلمين الذين يخيل إليهم أنهم بمعلوماتهم البسيطة والضئيلة قد بلغوا مرتبة العلماء فبدلا من أن يجلسوا مجالس المستفتين ويتحلوا بأخلاق طلاب العلم‏,‏ نراهم يجلسون مجالس الافتاء غافلين عن قول الحق وفوق كل ذي علم عليم وقول رسوله الكريم صلي الله عليه وسلم وقل رب زدني علما وهؤلاء يحرمون أنفسهم من التطور الفكري والثقافي ويقعون في حبائل الجهل والجمود‏.‏ويختتم د‏.‏ عمارة بأن الحالة الفكرية المثلي تتمثل في التزود بالثقافة المتوازنة التي تجمع بين العقل والنقل‏,‏ والتجربة والوجدان‏,‏ والتي تجعل صاحبها علي وعي بالذات وبالآخر‏,‏ وبالتاريخ والمستقبل والمصير‏.‏

ليست هناك تعليقات: