الاثنين، 3 مارس 2008

الحل فى الحوائط الحامله

تحقيق‏: -‏عبير الضمراني‏:‏

البناء بالحوائط الحاملة يوفر استخدام كميات كبيرة من حديد التسليح
‏ إذا كانت الحاجة هي أم الاختراع‏..‏ فإن ارتفاع الأسعار هو الدافع للبحث عن بدائل‏..‏ وهذا ما ينطبق علي حديد التسليح الذي ارتفع سعره بمعدلات غير مسبوقة فلجأت وزارة الاسكان الي البحث عن بديل مناسب‏..‏ وكان هذا البديل هو العودة الي تصميم المباني والانشاءات وتنفيذها باستخدام نظام الحوائط الحاملة التي كان معمولا بها حتي الماضي القريب وهي تتناسب مع الأبنية التي لاتتجاوز ارتفاعاتها ستة طوابق‏..‏ الدعوة الي هذا البديل أطلقها المهندس أحمد المغربي وزير الاسكان عندما قال لقد حان الوقت للنظر في بدائل أخري للبناء ومنها الحوائط الحاملة‏.‏

وهذه الحوائط تعتمد فكرتها علي تحميل الأوزان الثابتة والمتحركة للأسقف الي الحائط مباشرة دون الحاجة الي صب أعمدة خرسانية وهذا الحل يتميز بالاستغناء عن كثير من حديد التسليح‏..‏ فما رأي خبراء البناء؟

عندما سألنا بعض الخبراء انقسموا بين مؤيد ومتحفظ‏..‏ فماذا قالوا؟
الذين يؤيدون تطبيق هذه الطريقة في الانشاءات يؤكدون أنها تؤدي إلي تخفيض تكاليف البناء بنسبة لاتقل عن‏20%‏ من تكاليف البناء بالهياكل الخرسانية وانها اثبتت قوة البناء وتحقيق السلامة والسهولة في التنفيذ‏,‏ فضلا عن جدواها الاقتصادية‏,‏ وكثير من دول العالم المتقدمة تستخدمها في بناء المباني السكنية سواء المنخفضة أو المرتفعة‏,‏ وهو المعمول به الآن في الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا وعديد من الدول العربية‏.‏

اما المتحفظون فانهم يتوجسون خيفة من البناء بهذا الأسلوب خوفا من مدي قوة المتانة أو سلامة البناء أو مواجهة مثل هذه المباني وقدراتها علي تحمل الزلازل وغيرها‏..‏

ولكل من الطرفين مبرراته التي نسوقها في هذا التحقيق‏.‏
في البداية تقول د‏.‏ أميمة صلاح الدين رئيس جهاز التفتيش علي المباني ـ وزارة الاسكان ورئيس مركز بحوث البناء سابقا‏:‏ ان كثيرا من دول العالم مثل أوروبا وأمريكا تستخدم الحوائط الحامله في البناء‏,‏ وهو اسلوب له كود مباني وتصميمات خاصة يضعها المهندس الإنشائي المختص‏,‏ وهو مباشر التصميم دون أي تخوف‏,‏ أو استشعار مخاطر يتعرض في قوتها ومتانتها‏,‏ وفي هذه الطريقة من البناء لا يتم انشاء أعمدة خرسانية بل يتم نقل الاحمال من الاسقف الي الحوائط‏,‏ ويتم تحديد سمك كل حائط حسب ارتفاع المبني وعدد الادوار‏.‏

ولكن الامر يستلزم استخدام طوب معين مصنع خصيصا لهذا الاسلوب من البناء ويتحمل الاحمال والاوزان‏,‏ فالطوب الاحمر لا يصلح لهذا الغرض وهذا يتطلب ضرورة اقامة مصانع للطوب تصلح للبناء بالحوائط الحاملة‏,‏ وتدريب الانشائيين علي كودات التصميم بالحوائط الحامله والتي ستيم بمقتضاها التراجع عن ثقافة الخرسانة المنتشرة في المباني الحالية والتي كانت في مقدمة اسباب تزايد الاقبال الشديد علي الاسمنت والحديد التي ارتفعت أسعارهما بهذه الطريقة الجنونية‏.‏

ففي دول أوروبا مثلا كما تقول د‏.‏ أميمه صلاح تقوم كثير من المصانع بانتاج طوبة بطريقة جيدة ومنتهية التشطيب بحيث يسهل البناء بها ولا تحتاج الواجهة الخارجية الي التشطيبات بعد انتهاء عملية البناء‏,‏ مما يجعل هذه الواجهة لا تحتاج لطبقة البياض الخارجية وبما يعمل علي التوفير في المواد الخام وبالتالي في التكلفة المادية للمبني‏,‏ كما يمكن التوجه للبناء بالدبش والدقشوم والحجر‏,‏ لكن بعد اختبارها والتأكد من خواصها بعدم نفاذ أو رشح للمياه والرطوبة اليها‏,‏ وتشير الي أن هذه الانواع من البناء توفر الكثير من الطاقة وهو ما يتناسب مع جو بلادنا الحار فهي حوائط سميكه عازلة للحرارة والرطوبة وأيضا قد توفر في سعر تكلفة المبني‏.‏

وبالنسبة لمواجهة الزلازل تقول د‏.‏أميمة صلاح الدين أن مصر مقسمه الي خمس مناطق زلزاليه‏,‏ ولسنا من المناطق ذات الخطورة‏,‏ ولكن لو كانت هناك منطقة زلزالية عالية‏,‏ فإن المهندس الانشائي يعلم جيدا كود الزلازل ويستطيع وضع تصميمه حسب المنطقة‏..‏ وبالنسبة للمساحات الداخلية للمباني المبنيه بالحوائط الحاملة فإنه يمكن وضع التصميمات الداخلية للمباني‏,‏ كما يتراءي للمصمم بحيث تكون الحجرات واسعة ويتم تصميم الفتحات حسب ما يتراءي للمهندس دون قيود‏.‏

بديل للمباني الهيكلية
أما د‏.‏ شاكر أحمد البحيري أستاذ الخرسانة المسلحة بكلية الهندسة جامعة عين شمس فيؤكد أنه يتم استخدام الحوائط الحاملة في كثير من البلاد مثل كندا‏,‏ حيث ينشر البناء بهذا الاسلوب‏,‏ فهي تحل محل المباني الهيكلية ويتم بمقتضاها الاستغناء تماما عن الأعمدة والكمرات ويمكن الارتفاع بالمبني بحيث ألا يتجاوز‏6‏ أدوار‏,‏ ولو أضفنا التسليح لبعض الأجزاء فيمكن أن يصل المبني الي عشرة أدوار‏,‏ وهو مايوفر‏20%‏ من تكلفة المبني الخرساني‏.‏

ويري د‏.‏ شاكر البحيري أن هذه الطريقة مناسبة جدا للمباني السكنية التي تقام للشباب وهذه النوعية من المباني التي تحتاجها في مصر بكثرة‏,‏ فالبناء بالحوائط الحاملة يمكن إستخدامه في المباني السكنية التي تكون فيها الشقق في حدود من‏100‏ الي‏150‏ مترا وبما يقلل من تكلفة ونفقات إنشائها وييسر علي الشباب شراء الشقق وتغطية احتياجاتهم‏,‏ وبما يتناسب مع دخولهم وقدراتهم المادية كما تصلح هذه المباني الاقتصادية التي تقيمها الدولة لمحدودي الدخل‏,‏ ولكن يجب مراعاة استخدام طوب قوي وليس الطفلي لان الطوب الطفلي ضعيف لهذا النوع من المباني‏,‏ كما يمكن استخدام الطوب الأسمنتي‏,‏ الذي يتم وضع المصمت منه في الأركان مكان العمود الخرساني ثم يتم الاستكمال بطوب أسمنتي مفرغ‏,‏ ويتم بناء الأساسات والدورين الأول والثاني بالطوب المفرغ حتي تخف الأوزان والأحمال علي الأدوار السلفية‏,‏ وهو مايوفر أيضا في التكاليف‏,‏ بحيث يكون سمك الحائط في الدور الأرضي طوبة ونصف الطوبة‏(38‏ سنتيمترا‏)‏ ثم طوبة واحدة في الدور الثاني‏(25‏ سنتيمترا‏)‏ وأما في الحوائط التي ليس عليها أحمال فيمكن بناء الحوائط بنصف طوبة‏(12‏ سم‏)‏

ويشير د‏.‏ شاكر البحيري الي أن طريقة البناء بالحوائط الحاملة يتم تدريسها في كليات الهندسة وتم وضع كثير من الأبحاث ورسائل الدكتوراه في هذا الشأن‏,‏ كما تم وضع كثير من الدراسات في الخارج وفي مركز بحوث البناء أيضا للإفادة منها في التشييد فلها منهج علمي وأبحاث وأساليب يجب الاستفادة منها وتطبيقها‏.‏

ولكن مع كل هذه الامتيازات للحوائط الحاملة‏,‏ يثور سؤال لماذا لايزال الاتجاه السائد حتي الآن هو البناء بالهياكل الخرسانية ؟ يجيب د‏.‏ شاكر أحمد البحيري قائلا إن الهيكل الخرساني أسهل وأسرع في الإنشاء ولدي المواطنين شعور بالأمان تجاهه‏,‏ ولكن لو بحثنا لوجدنا كثيرا من المباني القديمة الرائعة مثبتة بالحوائط الحاملة وكثير من العشوائيات مبنية بالحوائط الحاملة أيضا‏,‏ لان الفقراء يلجأون لطريقة موفرة في تكاليف البناء‏.‏

الحجر والدبش
ويضيف الي أنه يمكن البناء بالحجر والدبش كنوع من التوفير أيضا في تكاليف المباني خاصة في المناطق القريبة من الجبل مثل الصعيد والأقصر وأسوان ومناطق الضهير الصحراوي حيث لا يتكلف ماديا في نقل الأحجار ولا يحتاج البناء هناك لمصانع لتصنيع الطوب ويمكن الارتفاع بالمباني الي أربعة أدوار وهو مايناسب هذه المناطق أيضا‏.‏

ويقول المهندس الانشائي حسن غريب نحن بصدد قضية قومية يجب التصدي لها بكل الطرق‏,‏ وأن نتكاتف جميعا لمواجهة ارتفاع أسعار الحديد التي أصبحت لا تحتمل ولا يقدر عليها الملاك‏,‏ فالبناء بالحوائط الحاملة يوفر‏60%‏ من كمية الحديد المستخدمة في المباني الخرسانية‏,‏ حيث يستخدم الحديد في الأسقف فقط لأننا نوفر أعمدة الكمرات‏,‏ ونحن في حاجة لتدريب عمال البناء لإجادة البناء بالحوائط الحاملة مثلما كانوا يجيدونها في الماضي

أيضا يمكن مواجهة ارتفاع أسعار الأسمنت بالعودة الي مايسمي الأسروميل وهي مونة تستخدم في البناء مكونة من الجير والجبس والرمل والمصيص‏,‏ دون الاحتياج لاستخدام الأسمنت‏,‏ وهذه الطريقة توفر الكثير من تكاليف البناء‏,‏ ويمكن استخدامها في المباني المنخفضة حتي ثلاثة أدوار والتي تنتشر في المحافظات والأرياف لتوفر تكلفة البناء بمونة الأسمنت‏,‏ ويمكن استخدام الأحجار من الجبل بدلا من الخرسانة بعد أن يحسن أختيار الأماكن التي تستقطع منها تحت رقابة من متخصصين للتأكد من صلاحيتها للبناء وتحمل الأوزان‏.‏

وقال إن هناك أساليب كثيرة وطرقا عديدة متاحة وخامات طبيعية متنوعة متوافرة وعددا كبيرا من العمالة‏..‏ بقليل من التفكير وتدبير الأمور يمكن مواجهة الاستغلال وارتفاع الأسعار المتزايد للحديد والأسمنت‏,‏ حتي نصل للحل الأمثل لحل مشكلة البناء‏
منقول من جريده الاهرام.‏

ليست هناك تعليقات: